النقرس
النقرس هو شكلٌ مؤلم من التهاب المِفصل، وهو يسبب تورماً واحمراراً وسُخونة وتيبّس في المَفاصل. يحدثُ النقرس عندَ تراكم حمضُ اليوريك في الدم. ويحدثُ هذا إذا انتج الجسم كميّة زائدة من الحمض او إذا لم يطرح الكمية الكافية منه او إذا اكل الشخص الكثير من الاطعمة الغنيّة بالبورينات، مثل الكبدة والبقوليّات المُجفّفة. يملكُ النقرَس الكاذِب اعراض مُشابهة، لذلك يُلتبَس احياناً مع النقرس، إلا انّ سببه يرجع لفوسفات الكالسيوم وليس لحمض اليوريك. يُهاجم النقرس في البدايَة إبهام القدَم، كما انّه قد يُهاجم الكاحلين والعَقِبين والركبتين والمِعصَمين واصابع اليد والمرفقين.
يزداد احتمال إصابة الشخص بالنقرس لو كان:
رجلاً.
عنده احد افراد اسرته مصاب بالنقرس.
يشرب الكحول.
تتحسّنُ نوبات النقرس في البداية في غُضون ايام عادةً. غير انّ النوبات تستمر في نهاية الامر لمدد اطور ويزداد عددها. قد يؤدّي تراكم حمض اليوريك لحدوث الحصيات الكلوية. ويتسبّبُ النقرس في حال تركه دون معالجة لتلف دائِم في المفاصل والكليتين. يمكنً معالجة النقرس بالادوية.
مقدمة
النقرس هو التهاب مفاصل. يعاني مرضى النقرس من تورم وآلام في المفاصل. فإذا لم يُعالج مرض النقرس يمكن ان تصبح نوباته اكثر الماً واكثر تكراراً. وبالمقابل فإن استخدام العلاج المناسب يمكن من منع تفاقم النقرس والسيطرة على الالم الذي يسببه. تقدم هذه المعلومات الصحية معلومات حول كيفية حدوث النقرس، وحول الخيارات المتاحة في معالجة النقرس، مع تقديم بعض النصائح للوقاية منه.
المفاصل والتهاب المفاصل
في جسم الإنسان مئتان وستة عظام تعطي للجسم شكله وقوته. إن اي مكان يلتقي فيه عظمان يسمى مفصلاً. في المفاصل، يغطي نهايات العظام نسيج غضروفي. في داخل كل مفصل سائلٌ شفاف يسمى السائل الزليلي. يقوم هذا السائل بدور التزليق داخل المفصل، وهو في ذلك يشبه ما يقوم به الزيت من دور التزليق في محرك السيارة. إن السائل الزليلي يسمح للمفصل بسلاسة الحركة ويحد كثيراً من احتكاكها. عندما تتاذى انسجة المفصل او تصاب بمرض، فقد تتورم وتصبح حمراء وساخنة ومؤلمة. وهذا ما يسمى التهاب المفاصل. هناك اكثر من مئة نوع من التهاب المفاصل. والنقرس واحد من هذه الانواع، فمن بين كل عشرين مريضاً بالتهاب المفاصل يوجد مريض واحد مُصاب بالنقرس. ينجم النقرس عن ترسب بلّورات مادة تُدعى حمض اليوريك في المفاصل. تقدم الفقرات التالية معلومات حول حمض اليوريك وكيف يسبب النقرس.
الاسباب
البورين هو مركب كيماوي يوجد في كل خلايا الجسم. مع انقسام وتكاثر الخلايا، يفكك الجسم مادة البورين بصورة مستمرة ويعيد استخدام مكوناتها لصنع خلايا جديدة. يقوم الجسم بطرح ما يفيض من البورين عبر البول على شكل حمض اليوريك، وهو مركب كيماوي آخر. احياناً، يمكن ان تصبح مستويات حمض اليوريك عالية في الدم. تسمى هذه الحالة “فرط حمض اليوريك في الدم”. عندما يزداد مستوى حمض اليوريك في الدم، تتشكل منه بلورات حمض اليوريك. يشبه هذا ما يحدث للملح عندما يوضع في كوب من الماء. إذا تم إضافة ملح إلى كوب من الماء ففي البداية ينحل الملح ويصبح غير مرئي، ولكن إذا اضفنا إلى الكوب مزيداً من الملح، يمكننا رؤية بلورات الملح تتشكل وتسقط في قاع الكوب. تبدو بلورات حمض اليوريك تحت المجهر حادة ومدببة شبيهة بالإبر الصغيرة. وعند بعض الناس تترسب بلورات حمض اليوريك في المفاصل. يمكن ان تترسب بلورات حمض اليوريك تحت الجلد ايضاً، فتشكل نتوءات يمكن جسُّها على سطح الجلد. يسمى كل نتوء “توفة”. الجهاز المناعي هو وسيلة الجسم للدفاع ضد المرض، وهو يدرك ان هذه البلورات يجب الا تكون موجودة في المفاصل فيبدا بمهاجمتها. وهذا ما يسبب الالم والتورم و الممض في المفصل المصاب بالنقرس. يمكن ايضاً ان تترسب بلورات حمض اليوريك الفائضة في الكليتين فتسبب الحُصَيّات الكلوية.
عوامل الخطورة
هناك اشخاص معرضون اكثر من غيرهم لارتفاع مستوى حمض اليوريك في الدم، وبالتالي للإصابة بالنقرس. وهناك امراض وراثية تزيد من سوية حمض اليوريك في الدم، إذ ان 6-18% من مرضى النقرس لديهم اشخاص آخرون في العائلة مصابون بالنقرس. إن تناول الكثير من الاطعمة الغنية بالبورين يمكن ان يؤدي إلى إنتاج الجسم للمزيد من حمض اليوريك. ومن الاطعمة الغنية بالبورين: المحار والاعضاء الداخلية للحيوانات مثل الكبد والكليتين والدماغ. كما ان البازلاء والفاصولياء اليابسة وسمك الانشوفة اطعمة غنية بالبورين. يجب تجنب الكحول. إن تناول الكحول يقلل من قدرة الجسم على التخلص من حمض اليوريك الفائض ويؤدي إلى مستويات مرتفعة في مجرى الدم. إن التعرض إلى مستويات عالية من الرصاص يزيد من مستوى حمض اليوريك في الدم.
كما ان زيادة الوزن تزيد من خطر الإصابة بالنقرس. يزيد تناول بعض الادوية من خطر زيادة حمض اليوريك في الدم. إن الادوية المدرة للبول تؤثر على قدرة الكليتين على طرح حمض اليوريك من الدم. وهذا يؤدي إلى زيادة مستوياته في الدم. تُعطى هذه الادوية المدرة للبول للمرضى المصابين بارتفاع ضغط الدم وبالمشاكل القلبية. وهناك ادوية اخرى يمكن ان تزيد من مستويات حمض اليوريك في الدم مثل دواء ليفودوبا الذي يعطى لمرضى داء باركنسون، وكذلك الساليسيلات مثل الاسبرين. إن المرضى الذين يعالجون بالسيكلوسبورين معرضون كثيراً لخطر الإصابة بالنقرس. السيكلوسبورين دواء يعطى عادة لمرضى زرع الاعضاء وذلك لحمايتهم من رفض اجسامهم للاعضاء المزروعة.
المراحل و الاعراض
يصيب النقرس 275شخصاً من بين كل 100 الف نسمة. ويصاب الرجال بالنقرس اكثر من النساء بقليل. تظهر اول اعراض النقرس عادة في اوائل الاربعينات من العمر. إن المستويات العالية من حمض اليوريك في الدم لا تؤدي وحدها إلى ظهور اعراض النقرس. تبدا اعراض النقرس بالظهور عندما تبدا بلورات حمض اليوريك بالترسب في انسجة الجسم: تحت الجلد، وفي المفاصل، وفي الكليتين. عند الكثير من مرضى النقرس يكون العرض الاول هو الالم والاحمرار في إبهام القدم. تسمى هذه الحالة “نقرس إبهام القدم”. يصاب ثلاثة من اصل اربعة من مرضى النقرس بنقرس إبهام القدم في مراحل مختلفة. المفاصل التي كثيراً ما تصاب بالنقرس هي:
الكاحل.
الكعبان.
الركبتان.
الرسغان.
الاصابع.
المرفق.
إن هجمات التهاب المفاصل الناجمة عن النقرس تستمر عادة بضعة ايام ثم تتحسن من تلقاء ذاتها. مع مرور الوقت، يمكن ان تصبح هجمات النقرس اكثر تكراراً وتدوم فترة اطول وتتطلب معالجة. إذا لم يعالج النقرس فإنه قد يسبب الإعاقة والعجز. ولكن معظم المرضى لا يصلون إلى هذه المرحلة لان النقرس يكتشف ويعالج باكراً اكثر الاحيان.
وتسمى المرحلة الاخيرة من النِقرِس بالنقرس التوفي. وفيه تصاب المفاصل بتلف دائم، وقد تصاب الكليتان ايضاً بضرر يتعذر شفاؤه.
التشخيص
بعد الاستماع إلى ما يقوله المريض وإجراء الفحص السريري الشامل، يمكن ان يطلب الطبيب تحليل دم لمعرفة مستوى حمض اليوريك في الدم. إذا كان المفصل ملتهباً اثناء زيارة المريض لعيادة الطبيب، فيمكن ان يقوم الطبيب بسحب بعض السائل من المفصل. ويجرى هذا تحت التخدير الموضعي. ثم يرسل العينة إلى مختبر التشريح المرضي لفحصها تحت المجهر. إذا لم يعثر طبيب المختبر على بلورات في سائل المفصل، يمكن ان يستخرج الطبيب إحدى “التوفات” او النتوءات الموجودة تحت الجلد ليرسلها إلى المختبر للتحري عن بلورات حمض اليوريك. يمكن للاشعة السينية ان تظهر ترسبات بلورات حمض اليوريك واي تلف بالعظام ناجم عن الالتهابات المتكررة. من المهم ان نعلم ان اكثر الناس الذين لديهم فرط حمض بول في الدم لا تظهر لديهم اعراض التهاب المفاصل النقرسي مثل التورم والاحمرار والالم العفوي او المحرض باللمس. خلال هجمات النقرس الحادة، لا يكون مستوى حمض اليوريك في الدم مرتفعاً دائماً. لهذا من الضروري بزل المفصل المصاب (سحب سائل منه) او اخذ جزء صغير من إحدى التوفات جراحياً لدراسته من قبل اخصائي في علم الامراض.
المعالجة
تتم معالجة النقرس بالادوية التي:
تخفف آلام هجمات النقرس.
تخفف التهاب المفاصل.
تقلل من مستوى حمض اليوريك في الدم.
يوصي الاطباء باستخدم الاسيتامينوفين (البنادول) للتخفيف من الالم. ويجب تجنب استعمال الاسبرين في النقرس لانه يمكن ان يمنع الكلية من طرح حمض اليوريك. وإذا كان الم النقرس شديداً يمكن ان يصف الطبيب مسكنات اقوى لتخفيف الالم. إن لمعالجة النقرس اهدافاً عديدة. واهم هذه الاهداف هو السيطرة على الالم الشديد الناجم عن هجمات النقرس. كما تهدف معالجة النقرس إلى الوقاية من الهجمات ومنع تشكل توفات جديدة وحصيات كلوية. إن الادوية التي تدعى مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية فعالة في معالجة النقرس الحاد. اما الآثار الجانبية الشائعة لهذه الادوية فهي:
تهيج الجهاز المعدي المعوي.
قرحات في المعدة والامعاء.
نزف معوي.
ردة فعل تحسسية شديدة.
إذا كانت معدة وامعاء المريض تتحسس من مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية، يمكن وصف الستيروئيدات القشرية لمعالجة النقرس الحاد. إن الكولشيسين هو دواء آخر فعال جداً في الحد من التورم والالم وفي إنهاء هجمة النقرس. ويكون هذا الدواء اكثر فعالية إذا تناوله المريض في غضون 12 ساعة من بدء الهجمة. يمكن إعطاء الدواء الذي يقلل من مستوى حمض اليوريك في الدم لمعالجة النقرس ايضاً. ومن هذه الادوية الالوبورينول او الفيبوكسوتات (يولوريك®) او البروبنسيد.
الوقاية
إن للوقاية من هجمات النقرس اهمية لا تقل عن اهمية معالجتها. وفيما يلي خمس نصائح للوقاية من النقرس .
الإكثار من شرب الماء والسوائل فهذا يساعد الإنسان على إزالة حمض اليوريك ومنعه من الترسب في الانسجة.
تخفيف الوزن عن طريق التقليل من الطعام وممارسة التمارين الرياضية. وينبغي ان يخفف الإنسان وزنه تحت إشراف الطبيب، لان فقد الوزن السريع يمكن ان يؤدي إلى تفاقم مرض النقرس.
تجنب تناول الاطعمة الغنية بالبورين، مثل المحار و الاعضاء الداخلية مثل الكبد والكلية والدماغ.
تجنب الكحول. فإن تناول الكحول يقلل من قدرة الجسم على التخلص من حمض اليوريك الفائض.
تناول ادوية لخفض مستوى حمض اليوريك في الدم.
اثناء الهجمة، يمكن تخفيف الالم بإراحة المفصل الملتهب ورفعه. ويمكن ايضاً التخفيف من الالم بوضع كمادات من الثلج على المفصل.
الخلاصة
النقرس واحد من اكثر امراض التهاب المفاصل الماً. إذا لم يعالج النقرس سريعاً فإنه يمكن ان يؤدي إلى هجمات مؤلمة ويمكن ان يسبب عجزاً وحصيات كلوية. إن التغيير المدروس للنظام الغذائي امر مهم يماثل في اهميته اهمية تناول الادوية التي تقي من النقرس. بفضل التقدم الطبي، اصبحت معالجة و وقف تدهور النقرس ممكناً وناجحاً عادةً.